تعال لحلمنا المهجور

تعال الشمس فافلاكي

من يقرأ هذا الديوان لاتخطىء أذنه سماع صوت جريح

يرتفع في نداء متصل للحبيب , يتردد صداه في عدد غير قليلً

من القصائد ويمتزج أحيانا في الحوار مع النفس , والعودة إليها

بين الحين والآخر , بشيء من الاعتزاز بالذات

ماني قليلة بعض ظلي مهابة

أخطف عيون الليل والليل سهران

هكذا تنقلك أبيات الشاعرة بين هذين البعدين في رحلة ممتعة

 تجمع بين ماء الشعر وسلاسته ودقة التصوير لخلجات إنسانية بالغة العمق ..

 

د. عبدالله المعيقل

أستاذ الشعر الحديث بجامعة الملك سعود

 

=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=

 

كتب الشاعر طلال حيدر عن ديوان ظما
ظمأ
أو ارتواء الروح


الشعر لغة ذاته، يرتدي جسد كل اللغات ليكون إضافة وإغناء للتراث الإنساني..
لا تسألوا الشعر كيف يأتي إليكم، بل أسألوه عن القيم الإنسانية الجمالية التي يحملها ويضيفها على المجرى الشعري المتدفق منذ البدء..
لا تدّعي اللغة المحكية أن تحلّ محل الفصحى التي سميت كذلك لأنها أفصحت عن أغراض الزمان الذي كان.
اللغة كائن حي يواكب حركة التاريخ ليصب في مجرى التطور الذي يرتدي جسد زمانه، أو ينزوي جانباً ليقع في النسيان. فالمفاهيم التي تحاول أن تأسر اللغة وتسجن الإنسان في زمن مقفل إنما تحاول أن تضع سدوداً واهية أمام حركة الحياة وسيل المستقبل الهادر الذي يجتاح كل شيء. يقول ابن الأثير: (الأبلغ ما بقي على اللسان).
إن القاعدة الموروثة هي النمط والزي والاستكانة للثابت المحنط، فعلى مستنقع الثابت تنبت الطحالب والأعشاب البريّة، وعلى المياه الجارية تركض الشمس حافية وتبارك الينابيع.
اللغة المحكية رديف إبداعي للغة الفصحى وليست بديلاً الغائي، الشكل الثابت الميت والمتطور دائماً هو الحياة.
الشاعرة نوف بنت محمد "النـ ج ـدية" باعتمادها اللغة المحكية محت المسافة بين إبداعها وبينها، واعتمدت لغة الحلم في حلمها، لم تعد تتكلم لغة الضاد، بل لغة محكية، هي ابنة الفصحى وقد طرأت عليها حركات التطور وعوامل الزمان وليونة التكوين التركيبي وتنوعه ومفرداته وجُمله.
كتبت النـ ج ـدية بلغة المنام حيث لا مسافة بيننا وبين حالنا وأحلامنا..

جمعت لك شعري ظمــأ واسقيتك حروفي غـرام
لا غامت في عيني سما امطرت لك ورود الكلام
تسرقها اللهجة المحلية الضيفة أحياناً، فتتبعها كي لا تفقد بريق السحر الذي يسكن في اللهجة المحلية حيث يضخ التراث دفقه الروحي في الموروث المحلي الضيق، فيشتعل عند صاحبه جمالاً كـ نارٍ مقدسة..

فمان الله = في آمان الله
خفوق المهتوي = نبض المُحب
يا قوّ قلبك = يا قسوتك

أنا اعتقد أن تراثنا الشعري منذ الجاهلية مروراً بصدر الإسلام والعصر الأموي ثم العباسي حتى عصر النهضة وبداية الزمن المعاصر، إنما يسير على نمط الصوري أو المنطق الشكلي ليصب في المعقول والممكن، أي في الجواب على ماذا يقع؟ في المباشرية التي تقتل توهج الرؤيا وتحوّل الشعر إلى رماد.
الرؤيا الشعرية تأتي من الفيض ولا تُدرك الاّ بالحدس الذي ساهم في ولادتها، وتأتي من اللامعقول الجمالي الذي لا يقع تحت سؤال، بل يقع تحت الدهشة العجائبية.
"النـ ج ـدية" نوف بنت محمد في ديوانها (ظمــأ) تغرّد خارج أسوار المنطق المباشر النثري، لترد المنطق الحدسي، الكشف الشعري، خارج المأسوف، وتستلقي في أحضان الشعر لتغنّي فرادتها على أغصان شجرة الروح.

ظمأ !! باموت من الظمأ في جوف صحراء من جفاك
ياللي السحايب طلتك .. تعال .. واغتال الظمأ
دما .. خفوق المهتوي .. وإن كان دمه ماكفاك
جتك الثواني والدقايق كلها .. تنزف دما ..

وانت روضة روحي اللي مخلفه محرابه
التجريد يأخذ بالشاعرة من الحب الذي يعمّر الجوارح إلى المعاني المطلقة التي تخرج من فيزياء الجسد إلى روضة الروح، فلا هي تقع في صوفية تجردها من الكائن الحي، من الأنثى التي تخفق دماً وشوقاً ولهفة وحباً دون أن تقع في أبتذال الملهوفة أو تودد الخنوعة، إنما يحملها الحب والوجد على جناح الشعر إلى مقام الأنثى وأحوال الرفعة والصبا، فتجترح الحرية، وهل الشعر الاّ فعل حرية واجتراح معجزة الاقتحام؟
بالخطوة الأولى لفتح الطريق أم اللواتي حسبنه مسدوداً الاّ إذا اقتحمه الرجل.
إن حرية التعبير والخلق والإبداع عند "نوف بنت محمد" لم تأت من ثورة على المفاهيم، إنما من إيمان بالقيم الجمالية السامية والمتع الروحية النبيلة، فلم يهوِ بها الهوى، ولم ينسها أنوثتها الشريفة المقدسة.
إن كائناً لا تعتريه المشاعر الإنسانية من لهفة وشوق وحب، وهو كائنٌ ميتٌ بين الأحياء..

يافازة الورد الندي
يدك بيدي
نب .. نبتدي
نرسم على سور الصباح ظل الغصون النايمة
ونمحي من أوراق السماح كل الظنون الظالمة
يدك بيدي .. ابغى ابتدي
فيك السنين الحالمة
قلي .. اش تبي .. ؟!

مباركة أنتِ بين الشعراء

يسكنها هاجس الزمان .. فتختلط الأزمنة عندها ويقترب الماضي إلى أن يصبح حاضراً ويزول المستقبل حتى كأن الآن كل الزمان.

فمان الله ( بآمان الله ) يا ماضي كتب بين الضلوع سطور
فمان الله .. هي غربة معاك وغربة بدونك

وبنفجر غضبها فهي لا تستعطي بل تشير إلى خيانة المحبوب وغدره وتوصمه بالخيانة والغدر وشح مزونه (شح السحابة) وتتماسك صامدةً أمام الصد والعتاب ..

فمان أوقات .. لو مرت معاك تمر من دونك

تبدو هنا "النـ ج ـدية" نوف بنت محمد مختلفة عما ألفنا من شاعرات العتاب والتوسل والاسترضاء ..
هل يا ترى لأنها آتية من قبيلة أنوفة يمنعها من الإسفاف أو الانحدار نحو التفجع أو الاسترضاء ؟

أحبك لو تعاندني .. واعاندك العمر كله ..
وإذا أسترسلت في حبها تذهب إلى آخر القمة غير هيّابة من شيء ..
وأنت عندي تاج راس العالم المحسوبه ..
لكن احساسي بحبك ماحوته كتابه
ولا قرايه وأنت حبك مايبي له توبه
مااتوب

هنا تدخل في عالم من التناقضات المألوفة المحببة فالعاشقة لا حدود لحبها وعطائها كما لم يكن من حدود لغضبها الذي تصبه على المحبوب عند الغدر والخيانة، هذا هو الحب العربي المعطاء إن أعطى وهب الروح ولا حجب أخفى البوح، لأن هناك خيطاً رفيعاً بين الحنين والجنون لا يدركه الاّ العشاق.

لو دقيقة
تقدر تشوف الحقيقة
في عيوني
تقدر تميّز حنيني من جنوني

ويذهب بها الغوص إلى أبعاد الروح الخفية حتى تلامس المجرد والمطلق ..

لو دقيقة
تقدر تشوف بعيونك
صوت روحي

- الله – أحس كأنني أكتب هذا الشعر .. كم يشبه شعري هذا الشعر الذي اقرأه على صفحة روح نوف بنت محمد، وتأخذ الصور التي نحسب أننا نراها وهي لا تُرى ولا ترسم الاّ في البال، هنا يكمن إبداعها كما ألفنا في الشعر الكلاسيكي العمودي، أو في محاولات الشعر الحديث المركب، إنما قصيدتها وحدة من الرؤى التي لانتلمسها الاّ بالروح، إنها تدعوك لقراءة شعرها لا بالعين ولا بعين العقل بل بالسفر الداخلي إلى أبعاد الروح.

تعبت اشتاق !
أنام .. وطيفك النايم يصحيني ..

تفاجئك بالمدهش .. فلا تنتظر من تداعي القصيدة عند النـ ج ـدية ماألفت عن الشعر الموزون المقفى .. ولا من الشعر الذي ينسبونه إلى الحداثة، قصيدتها خالية من الكلام، من السرد والحشو، مبنية على الدهشة التي تفاجيء الشاعرة قبل أن تفاجىء القارىء، القصيدة تأتيها من مصدر علوي، فتفاجئها هي أولا والآخرون بعد، إنها أول المدهوشين بشعرها كما جميع الشعراء ..

خذ لك من احلامي وطن
مااقوى على برد المكان
تعال من باب الفرح
اللي انجرح
بكرا يداويه الزمان

إن حفلة من الرموز الشعرية، الصباح، الظلام، الحنين، الهيام، الزمن، الوطن، والشجن، السحاب، والزمان والنسيان، تبني عمارتها الشعرية، وترسم على خارطة الشعر الخليجي علامة فارقة، تقربها من الشعر العالمي المعاصر عامة، ومن الشعر في منطقة المشرق العربي، تُظلم إن تناولناها من زاوية الأدب النسائي، فلا أعرف لها مثيلاً بين النساء الشاعرات اللواتي أختفين في هذا الزمن الصعب، تجاوزت صحراء المشاعر إلى واحات الروح، كأنها ليست من الخليج، أو من أي مكان، كأنها آتية من مملكة ذاتها.

طلال حيدر

=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=

ومن الشعراء المبدعين اذين تحدثوا عن ديوان " ظما " وسيأتي ذكرهم حسب الحروف الأبجدية لأسمائهم :



حين تكتب نوف بنت محمد وهي الشاعرة المثقفة الجادّة والواعية شعراً محكياً تبدو كأنها تصفصف خصلات الصباح شعراً، وتردّ السلام على عصافيره شعراً، وتصافح حتى الظلال قصائد وشجون شتّى، وهي بهذا تكتب القصيدة حياة، وتتعاطاها قصيدةً ملؤها الظمأ المبتلّ بالوعي، وسيرتها شجن الكلام، وخاتمتها الضوء.. ظمأ مجموعة شعرية لا نقدّمها إعلاناً، حينما ننادي بها منهجاً شعرياً كلما خرجنا لحياتنا وشؤوننا اليومية شعراء كما حلمنا أول مرة.

إبراهيم الوافي

أما والمسألة تتعلق بقراءة الشعر الجيد، فأنا قاريء أناني وشديد الطمع، ليس أدل على ذلك من تمنياتي لنوف بنت محمد "النـ ج ـدية" بالمزيد من ( الظمأ ) ففي مثل هذا الشعر الرقيق، شديد العذوبة، تجد الروح منابع ريّها الصافية.

فهد عافت

عندما تكتب النـ ج ـدية تكتب للشعر فقط بدون أي تصنيف.. شفافيتها وروح الأنثى وشعورها الصادق يجعلها شاعرة متجاوزه، وهو مايميز نصوصها ويجعلها تتجاوز في كل نص جديد كل نص قبله.

محمد الدحيمي

ليس هناك أجمل من ولادة شمس أخرى في سماء الشعر، ولا أروع من أن تتفتح وردة ندية في أرضه، هذا ما تعلنه نوف بنت محمد من خلال باكورة إصداراتها الشعرية " ظمأ " الذي تميّز بالتكنيك الشعري على مستوى بناء الصورة وتوظيف المفردة والبناء الخارجي للقصيدة.. " ظمأ " نوف بنت محمد.. لا يشبه أي ظمأ آخر، فهو ظمأ يروي الذائقة الشعرية وحسبه هذا جمالا.

مسفر الدوسري


نوف بنت محمد شاعرة تكتب بمهارة واضحة ولغة متفرّدة وبإحساس شفّاف أنثوي مدهش، وفي حال استمرارها في كتابة الشعر سوف نكسب جميعاً شاعرة سعودية رائعة نفخر بها وحتماً ستكون إضافة للخارطة الشعرية.

نايف صقر


=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=


وكتب الشاعر/الصحفي /الروائي فوزي المطرفي


وصلني الديوان الشعري الأول للأديبة الشاعرة نوف بنت محمّد الثنيان. الحاضرة بلقب النجدية في مساحات النشر الورقي والانترنتيّ.. جاء الكتاب بحلة أنيقة من القطع المتوسط بما يزيد عن التسعين صفحة وبتقديمٍ موضوعيّ زاهٍ بقلم الشاعر اللبنانيّ العَلم طلال حيدر الذي أفاض في التماهي مع النصوص وأشبع. عُنون الديوان بكلمة: (ظما) فكان أن ابتلت الروح وامتلأت دواخل النفس بيانًا ساحرًا وشجنًا حفيّا على التصفيق بهذه المبدعة ثقافةً ووعيًا بالشعر حيث وصلت بنا إلى حقيقته الأولى من تحريك المشاعر وبلوغ نشوة الإعجاب والتغنّي. قسّم الديوان المكتوب باللغة المحكية الشفيفة بين قصائد تفعيلة وعمودية جاء في مطلعها:
ظما.. باموت من الظما في جوف صحرا من جفاك
ياللي السحايب طلّتك.. تعال واغتال الظما
سما.. وغيثك لو هما يبقى رذاذه من وفاك
طوّل غيابك يامطر قلبي وضاقت بي سما!
من أهم سمات الإبداع والتميّز في خارطة الشعر الخروج عن نمطية اللغة الاعتيادية المباشرة التي امتلأت بها الدواوين الشعرية ومحاولة الابتكار والإتيان بمعانٍ وصور مغايرة وعميقة وهو ما لمسته لغة ومضمونًا وأخيلة في (ظما) النجدية الرويّ. وهذا في معناه ما يعكس اهتمام الشاعرة بالقارئ الذي يريد اللغة الخاصّة التي تقول شيئًا مختلفًا باهرًا. والمطالع للديوان يجد روح الأنثى المليئة بالمشاعر الصادقة تطوف بين الفواصل والنقاط والكلمات وتنثر فوارق لوعة وحب وأنفة وتضحية وكبرياء.. حيث الحياة في معناها الأصل! وحيث تجاوزت ـ كما يقول حيدر ـ صحراء المشاعر إلى واحة الروح كأنها ليست من الخليج أو من أي مكان.. كأنها آتية من مملكة ذاتها!

مخرج للنجدية:

تعبت اشتاق لك والقلب محرابك
تعال.. اللي بقى منّي مواعيدك
عهد مني متى ما انهيتك..
آعيدك
واسافر بك مع العتمة
نهار وشمس!

 

إصدارات أخرى للكاتبة

                        

 

جميع إصدارات الكاتبة متوفرة في كل فروع مكتبة جرير بالمملكة

ومتوفر أيضاً في المكتبات التاليه في الرياض

( مكتبةدار المناهل بكل فروعها  , مكتبة دار الفلاح  , مكتبة الداود بفرعيها , محبرةالطالب - البديعة  , مكتبة مكتبتكم  , عالم القرطاسية , مكتبة خالد شامان "2" , مكتبة المحسن للكتاب , مكتبة دار القافية . مكتبة الضحيان )
جده

( مكتبة دار الثقافة , مكتبة الأسواق السعودية )